لا نعرف مما تدبرنا من القرآن إن الله قد قسم السنة إلى فصول
منها ربيع وصيف وخريف وشتاء إنما قسم الله السنة إلى أثنى عشر شهرا فقط
منها أربع حرم ذلك الدين القيم. ولا نجد أي دليل من الكتاب على إن كلمة (
شتاء ) تعني البرد أو إن للكلمة علاقة بالمطر أو إن كلمة ( الصيف ) تعني
الحر..
فهذه مسميات وتقسيمات أطلقها البشر على الشهور التي فيها
البرد والشهور التي فيها الحر والشهور المعتدلة التي هي لا حر فيها ولا برد
مثل الربيع والخريف...وليس غريبا في ذلك بان نجد أنهم قد اخترعوا الساعات
لتحديد الوقت والبوصلة بدل الاهتداء بالنجوم. بل أضافوا إلى الأرض اتجاهين
آخرين وهما الشمال والجنوب زيادة على الاتجاهين اللذان ذكرهما الله تعالى
في القرآن بالمشرق والمغرب.
لنتدبر الآية من سورة قريش التي يقول الله تعالى فيها (
لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاء وَالصَّيْفِ ) مع التدبر والإمعان والتدقيق نجد إن كلمة (
لِإِيلَافِ ) تعنى هذا المفهوم ( إلى في ) فلو دققنا في الكلمة سنجدها قد دمجت من
كلمتين وهما ( لـ إلى في ) إما الكلمة التي جاءت من بعد كلمة ( قريش ) (
إِيلَافِهِمْ ) فهي بينت المعنى أكثر وبصورة أوضح وهما كلمتان قد دمجتا أيضا مع بعض ولو
فرقناهما عن بعضهما البعض فُتقرى بهذه الصيغة ( إلى فيهم ) فالآية الكريمة
جاءت بكلمتين مدمجتين الأولى (
لِإِيلَافِ ) لتبين لنا الوجهة المقصودة وهي قريش أي مكة وكلمة (
إِيلَافِهِمْ ) تبين الرحلة المقصودة لمكة وهي رحلة الحج.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]فمكة وأهلها قريش لا يحتاجون بان يسيروا قوافل تجارية في
موسمين متباعدين إلى الشام والى اليمن لان الله تعالى تكفل بإطعامهم بان
جعل لهم حرما أمنا تجبى إليه الثمرات من كل مكان وهذا يعني لا حاجة لوجود
تلك الرحلات التجارية الموسمية.
ومن ناحية أخرى فالآية الكريمة تتحدث عن رحلة واحدة فمن أين جاءوا بالرحلة الثانية ؟ فلو كانت رحلتان لجاءتا بهذه الصيغة ( رحلتي ) .
إذا الرحلة هي رحلة واحدة وليست رحلتان.. فإذا كانتا اثنتان لجاءتا بهذه الصيغة
(
رحلتين ) أو ( رحلتي ) ورحلة الشتاء والصيف هي رحلة الحج إلى مكة ، فعباد
الرحمن جاءوا أشتاتا من أماكن متفرقة ومختلفة من العالم إلى مكة التي
تسكنها قريش، إما الصيف تعني التجمع عند البيت الحرام لأداء فريضة الحج
والصيف مشتقة من كلمة ( صف ) ولنتدبر ألان كلمة ( الصيف ) ومفرداتها التي
وردت في القرآن .. فنجد إن الصيف هي كلمة مشتقة من ( صف ) وهي التي تعني
التجمع في شكل صف أو صفوف.
فيقول الله تعالى (
وَعُرِضُوا عَلَى رَبِّكَ صَفًّا ) أي مجتمعين في صفا واحد أو صفوف ولم يعرضوا عليه أشتاتا متفرقين.
يقول الله تعالى (
فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا ) بمعنى تعالوا جميعا غير متفرقين صفا واحد، ويقول الله تعالى (
إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا ) يقاتلون جميعا ولا يقاتلون أشتاتا متفرقين.
معنى كلمة شتاءإما كلمة شتاء ومفرداتها على حسب ما وردت في القرآن فهي من فعل ( شت ).
يقول الله تعالى (
لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا ) يبين الله انه ليس هناك جناح إن نأكل جميعا مع بعض أو إن نأكل أشتاتا أفرادا متفرقين كل واحد يأكل بمفرده.
ويقول الله تعالى (
يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِّيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ ) إن الناس يوم القيامة يبعثهم الله أشتاتا جاءوا إليه من كل حدب وصوب متفرقين من أماكن مختلفة أشتاتا.
ويقول الله تعالى (
وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّن نَّبَاتٍ شَتَّى ) كلمة شتى تعني نبات مختلف عن بعضه فكل نوع ينبت في مكان منفصل على الأخر.
إذا رحلة الشتاء تعني مجيء الناس للحج لتأدية مناسكهم من
أماكن متفرقة أشتاتا من قرى ومدن مختلفة. وهذا يدل على إن كلمة ( شتاء ) لا
تعني البرد أو المطر وإنما تعني المجيء من أماكن متفرقة لتأدية مناسك الحج
وكلمة ( الصيف ) لا تعني الحر بل تعني التجمع عند البيت من أهل وسكان مكة
المقيمين فيها.
الخلاصةسورة قريش تبين إن الله تعالى قد انعم على قريش بحجاج يأتوا
إلى الكعبة من كل فج عميق يعني من كل القرى والمدن البعيدة والمتفرقة
مصحوبين بالهدى والقلائد، حرماً يجبى له الثمرات من كل مكان فضلاً ونعمة من
الله الذي آمنهم من خوف وأطعمهم من جوع وجعل بلدهم آمنا وحرم فيه القتال
ورزقهم من الثمرات ومن الرزق الذي يجبى إليهم عن طريق الحجيج سواءً في موسم
الحج أو العمرة ..
فالرحلة هي رحلة واحدة للحج وليس لها علاقة لا بالبرد ولا
بالحر ولا بفصول السنة وليس لها علاقة برحلتي التجارة إلى الشام أو إلى
اليمن المزعومتين. كل ذلك لم يذكره القرآن ولكن الروايات والأساطير هي التي
سطرت تلك الأقاويل فورثناها عن آباءنا دون تأمل أو تدبر.