منتديات ملتقى الأحباب | ©
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات ملتقى الأحباب | ©

منتدى تربوي تعليمي عام ملتقى كل العرب و الجزائرين
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
FacebookTwitter

 

 صديق من كوكب آخر

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
said
المدير العام
المدير العام
said


✿ ملاحظة ✿ ✿ ملاحظة ✿ : صديق من كوكب آخر  Oja81011
صديق من كوكب آخر  Untitl11
جنسي ✿ جنسي ✿ : ذكر
نــقـــ ــاطـ ✿ نــقـــ ــاطـ ✿ : 2147498668
عـدد مساهـماتـيـ ✿ عـدد مساهـماتـيـ ✿ : 7486
مــ ـيلادي ✿ مــ ـيلادي ✿ : 20/03/1990
 تـاريخـ التسـجيلـ ✿ تـاريخـ التسـجيلـ ✿ : 21/08/2010
عــ ــمريـ ✿ عــ ــمريـ ✿ : 34
المـوقـــــ ع ✿ المـوقـــــ ع ✿ : الشرق الجزائري
 أحلى دولة أعيش فيها ✿ أحلى دولة أعيش فيها ✿ : صديق من كوكب آخر  Jazaer10
صديق من كوكب آخر  Untitl12
مشروبي المفضل ✿ مشروبي المفضل ✿ : صديق من كوكب آخر  Cola
متصفحي ✿ متصفحي ✿ : صديق من كوكب آخر  211
حقوق المنتدى حقوق المنتدى : صديق من كوكب آخر  L_php110

صديق من كوكب آخر  Empty
مُساهمةموضوع: صديق من كوكب آخر    صديق من كوكب آخر  I_icon_minitimeالأربعاء أغسطس 24, 2011 11:22 pm

تعرفتُ
عليه خلال زيارتي إلى إحدى المناطق السياحية في بلدي حيث كانت كابينته
السياحية بقرب كابينتنا ولا يفصلنا أي حاجز بل بالعكس كانت لدينا حديقة
مشتركة. كانت المنطقة سياحية جبلية وكان هذا المنتجع فوق قمة جبلية، ذات
طبيعة ساحرة ومناظر رائعة من حولها نهاراً. أما ليلا ومن فوق هذه القمة
الجبلية كانت تبدو السماء صافية تتلألأ من خلالها النجوم ببريقها الفضي في
حلكة سواد الليل وأغلب الأبراج تبدو واضحة تماماً وحينما تنظر إليها كنت
تشعر بأنك في عالم أو كوكب آخر .. وقد عشقت ذلك المنظر الساحر، وحظيت بفرصة
رائعة للاستمتاع بهوايتي وبمنظاري الرائع الذي اشتريته مخصوصاً لهذه
السفرة لكي أستمتع برؤية الفضاء من خلاله ليلاً فأتطلع إلى النجوم
والكويكبات والأبراج. كان شيئاً يعجز الإنسان عن وصفه خاصة بالنسبة لشخص
مثلي يعشق الفلك والعلوم الفضائية وأسرار الكون لحد الجنون .. فولعي نحو
الفضاء والفلك بدأ معي منذ طفولتي الباكرة حينما كنا ننام على الأسطح خلال
فصل الصيف فكنت أتأمل الفضاء وأفكر بعظمة الكون وأسراره وطالما كنت أشتري
من مصروفي الخاص عدسات مكبرة لأعمل بها مناظير بسيطة أنظر من خلالها إلى
النجوم والفضاء فكانت تلك اللحظات هي قمة السعادة بالنسبة لي وأنا صبي
صغير.

كنت بعكس زملائي اللذين كانوا يصرفون مصروفهم بشراء اللعب أو الحلوى أو
الذهاب إلى السينما وطالما كنت مصدر استهزائهم وتوبيخهم لشرائي لتلك
العدسات، ثم ازداد ولعي بهذه الهواية يوماً بعد يوم لمعرفة المزيد عن
الفضاء والعلوم الفلكية حتى تحقق حلمي وحصلت على دراسة لهذا العلم والحمد
لله .

كانت هذه السفرة السياحية قبل عامين مع عائلتي .. سفرة لن أنساها طوال
حياتي لأنها كانت نقطة تحول عظيمة في حياتي وفرصة لم ولن يحظى بها كائن
بشري على هذا الكوكب .. ولا يهمني رأي أي شخص سواء صدق أو لم يصدق قصتي في
هذا المنتجع السياحي والتقائي وتعارفي بصديق .. يكفي أن أقول انه لا ينتمي
إلى كوكبنا ولا حتى إلى مجرتنا!!

كان ذلك في عام 2008 حينما طلبنا من والدي أنا وإخوتي أن نقوم بسفرة سياحية
إلى المنطقة الجبلية في شمال بلادنا للراحة والاستجمام خلال إجازتنا
الصيفية، فلم يرفض والدي الطلب لحاجتنا الماسة لهذه السفرة والاستمتاع
بالطبيعة الخلابة في تلك المنطقة .. فأحضرنا وتهيئنا إلى هذه السفرة وخلال
أيام معدودة اخترنا منطقة جبلية رائعة لقضاء إجازتنا فيها لبضعة أيام .

كنت أتجول نهاراً لاستكشاف المنطقة وروعتها، أما مساءاً فكنت أستغل كل يوم
من غياب عائلتي لممارسة هوايتي في الليل لترصد النجوم والأبراج .. حينما
كانوا يتجولون في هذه المنطقة السياحية في كل مساء ويغيبون إلى حدود
الواحدة أو الثانية ليلاً.. كانت تلك اللحظات قمة سعادتي حينما أختلي في
هذه السويعات لوحدي في مراقبة الفضاء الخارجي وتأملاتي ومشاهدتي للأبراج
والنجوم .. وكم كانت عائلتي تحاول إغرائي بمشاركتهم في النزهات المسائية
لكنني كنت أتحجج لهم بان خروجي نهاراً لاكتشاف المنطقة والتنزه فيها يكفيني
.

هكذا سارت الأيام الأولى القليلة ونحن نصيف في هذا المنتجع السياحي .. إلى
أن جاء جارنا في الكابينة المجاورة لنا كان حضروه مصدر قلق لوالدي بسبب
أخواتي. حيث كان جارنا وحيداً دون عائلة وشاباً يبدو في بدايات الثلاثينيات
من عمره ومما زاد من قلق والدي انه كان شاباً جميلاً وأنيقاً إلى أبعد حد
فشككنا بأنه شخص أجنبي. كان طوال الوقت في داخل كابينته تقريباً، ولا يخرج
منها إلا ليلاً فيجلس لساعات في الحديقة وبين يديه أما كتابا يقرأه أو دفتر
يكتب فيها! وبين الحين والآخر ينظر إلى السماء ويسرح بعيداً، كان يبدو
مثلي يعشق الفضاء .. تمنيت في تلك اللحظات إن يصاحبني في وحدتي .. كان فيه
شيء يثير فضولي بالتعرف عليه، وكأن شيئاً خفياً أو رائحة سحرية تجذبني نحوه
للتعرف به منذ أول ليلة رأيته فيها وأصبحت كالشارد طوال الوقت حتى عائلتي
لاحظت ذلك .. فكنت أتحجج لاستفسارهم لشرودي وصمتي.

مرت الليلة الأولى والثانية على هذا الحال وبتكرار نفس المنظر والحدث أما
في الليلة الثالثة فقد حدث ما لم يكن بالحسبان!! خرج جاري كالعادة في باحة
الحديقة الصغيرة يجلس مقابل بابه وأنا أيضا في نفس المكان مقابل بابنا ولا
يبعدنا سوى أمتار قليلة. في كل لحظة كنت أزداد شوقاً للتعرف عليه وقلت في
نفسي الوقت يجري بسرعة وهذه ليلتنا الأخيرة هنا لابد أن أحقق رغبتي بالتعرف
عليه ولكن كيف؟! كنت أحاور نفسي طوال الوقت حتى ولو كان جاري أجنبياً فانا
جيد باللغة الانجليزية، فبالتأكيد انه يتقنها مهما كانت جنسيته .. لكنني
كنت أتردد خوفاً من شعوره نحوي بشخص فضولي يريد اقتحام خصوصياته. فصرفت
النظر عن رغبتي وتركت جاري على حاله وتمنيت لو أنه يقوم بالمبادرة .. كنت
أجهل مصدر هذه الرغبة العارمة في نفسي . كانت الليلة الثالثة من التقائي
بجاري الغريب في باحة الحديقة المشتركة بيننا والساعة تشير نحو الثامنة
ليلاً وقد خرجت عائلتي للتنزه وبقيت وحدي كالعادة وقد حاولوا اصطحابي معهم
لكنني رفضت داعياً برغبتي للراحة والنوم، ولم يشغل فكري شئ سوى التعرف على
جاري الغريب وصممت أن أستغل اليوم أية فرصة للتعرف حتى لو ذهبت إليه بنفسي.
أخذت اختلس النظر إليه بين الحين والآخر لعلي أحصل على حجة للتعرف به
وقررت أن ألوح له بيدي بالتحية عندما ينظر لي، أخذت منظاري العزيز بيدي
وبدأت كالعادة انظر نحو السماء تارة وتارة اختلس النظر نحو جاري، وبينما
كنت استطلع بمنظاري نحو السماء مرت من أمام قدمي قطة بأقصى سرعة.. ارتبكت
ووقع مني منظاري على الأرض فأسرعت إلى حمل منظاري وأنا أنظر إلى حيث فرار
تلك القطة التي أخذت أسبها وألعنها ولكنها بالحقيقة كانت فأل خير، ومنذ ذلك
الحين أخذت أتفاءل بالقطط .. حيث كانت السبب لتعارفي بجاري، فبينما كنت
أتفحص منظاري في تلك أللحظة بقلق من أن يكون قد انكسر أو تضرر .. وإذا
بجاري أراه أمامي بقامته المنتصبة .. فنظرت إليه باستغراب لم أصدق نفسي!
وأدهشني بريق عينيه الواسعتين اللتان كانتا تتلألئان تحت ضوء القمر والنجوم
، لا أنكر بأنني كنت في غاية الرهبة لرؤية هذا البريق الغريب في عينيه
ولكنني مع هذا كنت في غاية السعادة والشوق للتعرف عليه وأعتقد أنه شعر
بنظرات عيني المستغربة الممزوجة بالخوف .. فحول نظره نحو منظاري الذي بين
يدي وتكلم بلكنة عربية تبدو ظاهرة بأنه ليس من جنسية بلدي ولكن كانت
عباراته واضحة ومفهومة فقال لي بابتسامة رقيقة قائلا : أرجو أن لا يكون
منظارك قد انكسر .. يبدو أن القطة المسرعة قد أفزعتك .. هل تسمح لي أن أرى
منظارك إذا كان قد تضرر .

قدمت له المنظار في الحال وأنا في حالة ما بين الذهول والخجل والارتباك
..!!! اخذ ينظر جاري الغريب من خلال المنظار إلى الفضاء .. وظل ينظر بإمعان
لمدة طويلة لم أنبس خلالها بكلمة واحدة حيث تركته على سجيته ليستطلع
براحته وكان يبدو بأنه مستمتعاً بمنظاري .. ساد صمت طويل وكنت في غاية
السعادة لأنه أخيراً سنحت لي الفرصة لأشبع ظمأ فضولي للتعرف إليه .. وبعد
صمت طويل رد قائلا : الحمد لله منظارك لم يصب بضرر ويبدو جيداً .

لم يكن مهماً عندي حينها إن كان قد تضرر المنظار أم لا رغم معزته عندي لكن
المهم الآن إنني تعرفت على جاري، بالكاد خرجت الكلمات من فمي وكأن لساني قد
تشنج فأجبت قائلا : الحمد لله انه لم ينكسر .. لقد اشتريته قبل هذه السفرة
بأيام قليلة بعد أن جمعت من مصروفي لشرائه .. حيث كان أملي أن أحصل على
منظار.

نظر إلي بابتسامة رقيقة ثم رد قائلاً : يبدو أنك تحب الفضاء ؟

وقبل أن يكمل حديثه أجبته على الفور قائلا : جداً لا تتصور إلى أي مدى أعشق
الفضاء .. وأواظب دائماً أن أعرف المزيد عنه ولي معلومات لا بأس بها ..
أما الصور فلا حصر لها عندي ولي موسوعات عدة عن علم الفلك والفضاء .. حلمي
أن أصبح يوماً عالماً فلكياً مشهوراً أو رائد فضاء ..

بدا وكان أفكاري وحديثي وطموحاتي قد أعجبته فاسترسل قائلا : جيد هذا رأي
يسعدني أن أسمعه منك فهناك قلة من أمثالك يولعون هكذا بهذه العلوم
وأسرارها.

ثم بادر ليكمل حديثه وبدون مراوغة وبثقة عالية قائلاً: هل تؤمن بوجود الحياة على كواكب أخرى؟

فأجبت على الفور : بالتأكيد يوجد .. فاستبعد بأن الله سبحانه وتعالى قد خلق
هذا الكون الفسيح لتكون الأرض فقط فيها تنبض بالحياة .. قد يكون كوكب
الأرض فقط في مجرتنا فيها الحياة .. ولكن من المؤكد هناك أيضاً على الأقل
كواكب أخرى نابضة بالحياة مثل كوكبنا في باقي المجرات التي تعد بالمئات في
هذا الكون .

فرد على الفور وكان كلامي قد أعجبه قائلا : أليس كذلك ..؟ فأنت إذن لا تستبعد وجود كائنات أخرى مثل البشر في هذا الفضاء الواسع ..؟!

فأجبت على الفور : أجل فان من يقرأ القرآن بإمعان يلاحظ فيه الكثير من
الآيات والسور لها معنى يدل على وجود مخلوقات غيرنا وقد انتبهت بنفسي مثلا
لهذه الآية من سورة الرعد قال تعالى (ولله يسجد من في السموات والأرضِِ
طوعاً وكرهاً وظلَالهم بالغدو والآصال) ومعناه واضح فكلمة مَن يستعمل
للعاقل وقد ذكر جل جلاله يسجد له مَن في السموات والأرض فلم يقل الأرض فقط!
كما وأنني ألاحظ بأن العلماء في المدة الأخيرة بدءوا يستخلصون من العديد
من السور والآيات في القرآن الكريم قد ذكر فيها العديد من الجوانب العلمية
الفضائية والكون .. وقد قرأت مقالة ذكر فيها أحد العلماء .. قال تعالى
﴿ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم
على كثير ممن خلقنا تفضيلاً﴾ فقد ذكر من خلالها وشرح فيها بأن الآية ذكرت
فيها كلمة ممَن وليس مما وأردف أن هناك فرق بين الكلمتين ممن وهي تفيد
العاقل بينما مما تفيد الغير عاقل .. بالإضافة إلى ذلك فقد ذكر أيضا في نفس
الآية كلمة كثير وأكد بان الأعداد من 3 إلى 9 تدعى بضع وليس كثير كما وأكد
بان الله سبحانه وتعالى لا يذكر أي كلمة بالتحديد عبثا لذا يرى الكثيرون
من أهل الاختصاص في هذا المجال أن تلك الآية تحمل دليلاً واضحاً على وجود
كائنات عاقلة غير التي نعرفها..!

اخذ جاري الغريب يهتم بإنصات تام إلى حديثي وبعد أن انتهيت أصبح الحوار جدي
بيننا فرد جاري وبثقة قائلا : إذن .. إذا أخبرك في يوم ما شخصا بأنه قد
جاء من كوكب آخر هل ستصدقه ..؟ أم أن ما تقوله أمامي هو مجرد استنتاج من
خيالك ومن مطالعاتك ..؟!

فأجبت على الفور دون أن أتفاجأ أو أتردد من سؤاله المشوق بالنسبة لي قائلاً
: سأصدقه على الفور إن أثبت لي أن لديه بعض الخصائص حتى لو كانت بسيطة
تختلف بها علينا نحن البشر على كوكب الأرض .. فلا أعتقد أن أي كائن آخر
يعيش في هذا الكون يشابه الإنسان على كوكب الأرض مئة بالمئة .. بالتأكيد
هناك بعض من الأشياء المختلفة .

بدا جاري يتحمس للحديث فرد على الفور قائلاً : إن أفكارك وحديثك يعجبني ..
بالتأكيد .. لابد أن يكون هناك بعض الأشياء المختلفة بين الكائنات الحية
الموجودة في هذا الفضاء الفسيح فيما بينها ..

هنا لاحظت بان نبرته في الكلام كان كأنه شخصاً واثقاً تماماً من وجود
كائنات أخرى على غير كوكب الأرض فبادرت للقول على الفور قائلاً : يبدو من
حديثك أنك مثلي تؤمن بوجود الحياة على غير كوكبنا .

فرد دون تردد قائلاً : اجل أنا على ثقة بان هناك حياة وكائنات أخرى على غير كوكبكم ..

ثم رأيته ارتبك قليلاً .. كأنه انتبه إلى كلمته الأخيرة حين قال كوكبكم .. فحول حديثه بسرعة قبل أن أتفوه بكلمة واحدة .

فأردف على الفور قائلاً : هيا يا جاري تعالى لأضيفك على عصير فليس من
المعقول أن نبقى واقفين هكذا .. تعالى لنجلس ونشرب شيئا فحديثك مشوق جداً
وتعجبني جداً شخصيتك وأفكارك.

كانت هناك قوة غريبة في عينيه الواسعتين تجذبني لصحبته بالإضافة إلى فضولي
الذي أخذ يزداد لمعرفة المزيد عن هذا الجار.. حتى أنني نسيت أن أجامله
بالضيافة بدلاً عنه .. فتبعته كالمنوم مغناطيسياً .. فدخل إلى كابينته وأنا
أسير خلفه بكل طاعة .. كان كل شيء منسقاً ومرتباً على عكس كابينتنا التي
كانت تبدو فيها الفوضى وأغراضنا المتناثرة هنا وهناك لم يكون هناك شيء غريب
داخل الكابينة .. فقط رزمة من الأوراق وبعض الكتب موضوعة على المنضدة مع
محفظة صغيرة بالإضافة إلى العديد من علب العصائر المختلفة موضوعة على
المنضدة ..

كنت انظر إلى الغرفة بينما كانت كلمته الأخيرة تدوي في أذني حينما قال
"كوكبكم" ولم يقل "كوكبنا" فساد صمت قليل بينما كان هو يحضر علبتين من
العصير بقيت مرتبكاً ومبهوراً خلالها وبدأت أشك بجاري الغريب .. كنت في
حالة ذهول .. وأدركت بحاستي السادسة بان هناك شيئاً غامضاً في هذا الشخص
فازددت حماساً لمعرفة هويته ولكن دون أن أثير انتباهه لما يجول في خاطري
فبادرت على الفور بعد أن جلست على إحدى الكراسي لأعرفه بنفسي لعله يعرفني
بنفسه فأجبت قائلاً : اسمي (محمود) أدرس العلوم الفلكية في السنة النهائية
أرغب كثيراً في إكمال دراستي في هذا القسم لرغبتي ومحبتي الشديدة لهذا
القسم الذي يشبع جزء من غريزتي العميقة لمعرفة هذه العلوم ..

ثم رددت على الفور بثقة ودون أن أثير انتباهه قائلا : وحضرتك .. هل لي أن أتشرف بمعرفتك ..؟!

بعد صمت قليل تقدم نحوي مبتسما وفي يديه علبتان من العصير الطازج وضعها على
المنضدة التي أمامنا ثم نظر إلي .. تلك النظرة العميقة من خلال عينيه
البراقتين اللتين لم أر لهما مثيلاً .. خاصة في هذه اللحظة .. حيث ازدادتا
اتساعاً وتوهجاً .. وقد لاحظ تركيزي العميق على عينيه فحول نظره إلى السقف
ثم أغمض عينيه وكأنه بدء يشعر بأنني على وشك أن اكتشف هويته وأخيراً تكلم
بنبرة هادئة قائلا : أنا غريب عن بلدك ولكنني أعيش فيه منذ سنتين .. وجئت
لهذا المنتجع للسياحة لبضعة أيام فقط .. أحب المناطق الجبلية .. وأحب
الخلوة كثيراً .. لذا اخترت هذا المكان الهادئ .. وأدعى (نارو). ثم سكت
جاري ..

بادرت على الفور قائلا : تشرفت بمعرفتك سيد (نارو) يبدو أن اسمك غريب وجميل .. هل لي أن أعرف معناه ؟ ومن أي لغة هو؟!

بعد صمت قصير وقد تلألأت عيناه الواسعتان ببريق أكثر ويبدو أنهما امتزجتا
بالدموع كأنه استذكر شيئا ما فرد قائلا : (نارو) معناها البطل وهي من لغة
بني قومي .. ثم سكت مرة أخرى .

فأجبت بفضول قائلا : ومن هم قومك ؟!

فرد دون تردد قائلا : إنهم بعيدون جداً عن هنا .. ثم اكتفى بهذا الجواب
المختصر، وأغمض عينيه مرة أخرى واسترسل في تفكير عميق وكأنه غاب في ذكرياته
.. أدركت بأنني يجب أن أتوقف عند هذا الحد عن فضولي وإلا من المؤكد
سيتجنبني وسأخسر صداقته .. مع أنه أخذ الشك والفضول يلف في مخيلتي وكنت على
يقين بأنني أمام شخص ليس من أبناء بني آدم على كوكب الأرض .. ثم نظرت إليه
بثقة مبتسماً ودون وجل أو تردد لأعرف المزيد عن هوية جاري الغريب .. ورغم
محاولاتي الابتعاد عن سؤاله أو استفزازه حول هويته إلا أن فضولي ونهم
مخيلتي غلبني .. ولم أصدق نفسي وأنا أقول له وبدون أي مقدمات وعلى وجهي
ابتسامة في قمة البراءة قائلا : اشك يا صديقي وجاري بأنك لست من كوكبنا
..!!!

ساد صمت قصير وهو مازال مغمض العينين ولم يفاجأ بكلامي أو يغضب من فضولي ..
بل كان في غاية الهدوء والاسترخاء .. فتشجعت أكثر .. ثم أردفت أيضا على
الفور قائلا : أرجو أن لا أكون قد أخطئت في حدسي أو أزعجتك بسؤالي ..؟!

تنفس جاري الصعداء بكل هدوء وهو يستمع لي .. ثم ابتسم بهدوء ورد قائلا : ولماذا تشك في ذلك ..؟

فأجبت على الفور دون تردد أو وجل قائلا : أولاً لاحظت في عينيك شيء غامض
وبريق غريب لم أراه في حياتي في عيني شخص آخر .. ملامحك المنسقة رغم أنها
تشبهنا كثيرا ولكن من يركز فهناك بعض الاختلاف .. وبنية جسمك القوية تبدو
غريبة بعض الشيء .. بالإضافة انك خلال حديثك معي ذكرت وقلت لي كوكبكم ولم
تقل كوكبنا .. إذن أليس استنتاجي صحيحا يا جاري ..؟!

ثم أكملت حديثي قبل أن أفسح له المجال .. وكنت في اشد حالات الشجاعة والثقة
واللهفة من تأكدي الواثق على صحة استنتاجي وحدسي، فرددت بنشوة قائلا : آه
يا الهي إن صح حدسي فسأكون اسعد إنسان في العالم لأحظى بهذا الشرف واللقاء
العظيم .. وأخذت أتنفس بنشوة الخيال أن كان الشخص الذي أمامي زائراً من
كوكب آخر ..؟!!

ابتسم صديقي وساد الصمت بيننا لثواني ثم نظر إلي فانبعث من عينيه بريق فضي
.. ربما كان مثلي في لحظة إحساس بالنشوة أو الفرح أو ربما الارتباك .. لا
ادري ..؟!

ثم رد بكل ثقة وهدوء قائلا : ما شعورك لو قلت لك إن حدسك صحيح ..؟

فأجبته بلهفة عامرة واستنشقت الهواء بملأ رئتي وأجبت قائلا : بالتأكيد
سأكون الأوفر حظاً من أي شخص آخر على أرضنا لأتشرف بهذه الفرصة العظيمة ..
!!!

ثم أردف وبدون مقدمات قائلا : حسنا سأخبرك بقصتي .. ولكن عدني ألا تذكرها
لأي شخص إلا بعد مرور عامين على هذا اللقاء بيننا .. وما سأخبرك به ستكون
أنت أول إنسان وربما الأخير على هذا الكوكب يعرف بسري .. فبعد معرفتي
البسيطة بك .. تأكد لي بل وأنني على ثقة تامة بأنك الشخص المناسب لمعرفة
هويتي .. خاصة وإنني أحس منذ فترة بأنني بحاجة ماسة لأزيح حملاً عن كاهلي
وأحظى بصديق ولو لحين .. اسمع يا صديقي سوف لن أقسم لك بان ما أقوله لك هو
حقيقة وليس خيال لأنك إن صدقت قصتي فصدقها .. ؟! وان عجزت عن تصديقها فلن
ينفع قسمي شيئا إن أقسمت لك بان ما أقوله حقيقة واقعة وليس خيال ..

ثم ساد الصمت بيننا وعلمت يقينا بان جاري لديه حقيقة دسمة ليقضي على نهم
مخيلتي فيما استنتجته في عقلي عنه وليست هناك قوة تشككني في حدسي واستنتاجي
.. صحيح إنني مولع بالخيال العلمي والغموض الكوني ولكنني مؤمن وواثق من
توقعاتي .. وسوف لن استبعد أو اكذب أي شيء يقوله لي جاري مهما كانت بعيدة
عن الحقيقة ..

فأجبته على الفور قائلا : أنا من يقسم لك بان كل ما تقوله لي هي حقيقة ..
كما وإنني على عهدك فيما تطلبه مني وسأكون بإذن الله عند حسن ظنك وثقتك بي
..

استرسل جاري في الحديث دون توقف قائلا : كنا في مركبتنا أنا وأربعة آخرين
من زملائي وكنا منذ فترة طويلة قد فقدنا الاتصال بكوكبنا في أول رحلة
لاستكشاف مجرتنا فبعد رحلة طويلة تفاجئنا بقوة هائلة تجذبنا نحو فراغ دائري
مثل الإعصار بعرض نصف كيلومتر تقريبا ودخلنا ذلك الفراغ الذي يشبه نفقاً
دودياً .. هذا كان كل ما أذكره في تلك اللحظة ثم أصبنا جميعاً بإغماء كامل
جهلنا سره أو كم طالت بنا الإغماءة ..! وحين استعدنا وعينا واحدا تلو الآخر
علمنا يقينا بأننا دخلنا إعصارا كونيا مثل نفق أو ممر كوني لنظهر فيما بعد
في مجرة أخرى التي هي مجرتكم فأصبحنا تائهين في فضاء مجرتكم الواسعة ..
وبعد رحلة طويلة للبحث عن كوكب مأهول استطعنا عبر أجهزتنا التعرف على
كوكبكم .. فحصلنا على بعض المعلومات عن كوكبكم الذي يكاد يشبه كوكبنا بعض
الشيء من حيث الطبيعة والجو .. كنا في شوق غامر للهبوط بعد هذه الرحلة
الطويلة وقررنا أن نهبط في مكان فسيح وبعيد وغير آهل بالسكان تحسبا من
تعرضنا للمشاكل أو ردود انفعالية سلبية معكم لعدم حصولنا على معلومات كافية
عنكم، وذلك عن كيفية طبائعكم وهويتكم .. فقررنا أولا اكتشاف الكوكب ومعرفة
المزيد عنكم خلال هبوطنا .. وبعد استطلاعات عدة على طبيعة كوكبكم وقع
اختيارنا للهبوط والتخييم على أراضي منطقة سيبريا الشاسعة والغير آهلة
بالسكان .. كان ذلك حسب تاريخكم الميلادي في يوم 30 حزيران 1908 (*ملاحظة
من المحرر: تاريخ حادثة تونجوسكا: http://en.wikipedia.org/wiki/Tunguska_event). كان الجو رائعا حينها على كوكبكم والسماء صافية

ولكن للأسف فجأة وبدون سابق إنذار تعرضنا للمشاكل بعد اختراقنا أجوائكم ولم
يسنح لنا ضيق الوقت من تفادي المشكلة أو معرفة السبب.. كنت أنا الوحيد في
هذه اللحظة من يلبس البدلة الواقية والمجهزة ضد أي طارئ أو مشكلة مهما كانت
خطورته والتي كانت مصممة لنا خصيصاً، وللأسف لم تسنح الفرصة الكافية
لزملائي على ارتداء بدلاتهم الواقية أيضا حيث كانوا واثقين من الهبوط الآمن
.. وخلال تلك الثواني الحرجة من حدوث المشكلة معنا شاهدني قائد المركبة
بأنني الوحيد بملابسي الواقية وكان على يقين بان الوقت يمر بسرعة وان
الكارثة اقرب إلينا من ثواني معدودة .. فجأة وخلال تلك الثواني ضغط على
أزرار الباب الخارجي للمركبة وكأنه كان يدرك بان الوقت لا يسمح حتى
بالتفكير وبينما كان الباب ينفتح من فوقي كان قائدي يأمرني قائلا : نارو
اضغط على زر الانطلاق .. ولا أتذكر كيف امتثلت إلى أوامره ووضعت إصبعي على
زر الانطلاق لانطلق بعيدا عبر برشوتي في سمائكم بعيدا عن زملائي ومركبي
وحتى هويتي .

هنا توقف جاري عن الحديث مطأطئ رأسه في الأرض .. كنت استمع إليه بكل جوارحي
دون ذهول أو خوف وكنت في اشد حالات الاستماع والاستمتاع لهذه القصة وهذا
الحدث التاريخي لو تكلل نتيجته بالنجاح .. ولم اشك في عبارة واحدة مما
قالها جاري وسردها لي كانت تبدو لي الحقيقة واضحة دون شك ! وبدأت اشعر بهول
مصيبته من خلال هذا الحدث الذي حصل لمركبته وأصدقائه، شعرت بحزنه حينما
كان يتذكر الحدث وعندما نظر إليّ كان لون بريق عينيه تختلف عما كان لونه
حين يبتسم فبريق عينيه وهو حزين كانت تميل إلى لون برونزي أما بريق عينيه
في حالة ابتسامته كانت تميل إلى اللون الفضي .. ضاعت عليّ الكلمات وأنا
استمع إليه بكل أحاسيسي ولم أتفوه بشيء والتزمت بالصمت التام ليستمر في سرد
قصته والترفيه عن نفسه .. ثم استمر جاري بإكمال حديثه بعد أن استعاد
سكينته قائلا : وبينما أنا احلق في الأفق نحو الهبوط شاهدت مركبتي وقد
تحولت ككرة شمسية من النيران تلتهب وهي تهبط على أرضكم مخلفة ورائها سحابة
من الدخان وخلال اقل من دقائق سمعت صوت انفجار بعد أن ارتطمت مركبتنا
المحترقة تماما بالأرض مصحوبة بشعلة نارية وقد صاحب الانفجار إعصار هوائي
هائل دمر خلالها كل ما يحيط بها من أشجار واجتاحت عدة أميال , كان المنظر
مؤلما ومرعبا جدا فقد وقعت في غابة سحيقة وقد استوت الأشجار مع الأرض
وكأنها لم تكن وان جذوع هذه الأشجار التي دمرت قد انغرست في بطن الأرض
باتجاه يشير بعيدا عن المركز الذي وقعت فيه الحادثة .. أبعدني الهواء عن
مسرح الحادث بمسافة وعندما هبطت كان الدخان يملئ كل مكان حولي .. كنت في
حالة ذهول .. وخوف .. وحزن عميق على أصدقائي اللذين فقدتهم .. وتمنيت لو
كنت معهم وحصل لي ما حصل لهم .. كنت لوحدي في تلك المنطقة المنكوبة
والمعزولة .. أخذت أجري مبتعدا عن الموقع ومشيت مسافة طويلة إلى حين أن
انتهيت من الدخان .. كنت أتنفس بصعوبة بسبب الدخان بالإضافة لجوكم الغريب
بعض الشيء عن جو كوكبنا , ففي كوكبنا نفس عناصر كوكبكم ولكن بنسب مختلفة عن
بعضها البعض وقد لاحظنا ذلك الاكتشاف عبر حاسوباتنا الدقيقة والمتطورة
حينما كنا في مركبتنا نستكشف كوكبكم فقد قمنا حينها بجولة تفقدية حول
كوكبكم لعدة أيام قبل هبوطنا لنكتشف طبيعة كوكبكم من حيث العناصر الموجودة
وطبيعة الهواء والماء وشكل الكائنات التي تعيش عليها .. فعلمنا أيضا بان
أشكالكم وأحجامكم تشبهنا تماما من الخارج أما من الداخل فهناك بعض من
الأجهزة التي نختلف بها عن بعضنا البعض بزيادة أو نقصان .. فمثلا لدينا
رئتان احدها يمكننا التنفس بها على اليابس والأخرى نتنفس بها في الماء أي
نحن برمائيون على حسب معرفتكم .. والشيء الأغرب بالاختلاف بيننا هو نسب
أعمارنا الزمنية فالعشر سنوات عندنا يعادل قرنا كاملا عندكم كنت حينها أي
في عام 1908 أبلغ العشرين من عمري بالنسبة لكم والآن ابلغ الثلاثين بعد
مرور قرن كامل أي في 2008 .. وهناك أشياء أخرى مختلفة لا أريد الدخول في
تفاصيلها ..

بينما كان جاري يتحدث هكذا بطلاقة ودون وجل أو ارتباك أو حتى توقف .. كنت
أنا تائها في دوامة ما بين الذهول والاستمتاع بهذا الحديث وبدأت اشعر
وكأنني أعيش في حلم أو أشاهد فلما خياليا فقد تراءت لي صور الحادث أمام
مخيلتي وبينما جاري يسردها لي ولا أنكر بأنني كنت في قمة السعادة لاستماعي
إليه .. ثم بدون أي ارتباك قطعت حديثه قائلا : كما أنني يا جاري لاحظت أن
عينيك أيضا تختلف عن أعيننا ..؟!!

فرد مبتسما قائلا : اجل وذلك لأننا يمكننا الرؤية في النهار والليل فتركيب
أعيننا يختلف عنكم .. كما باستطاعة أجسامنا التكيف مع درجة الحرارة حسب
المحيط ودرجات الحرارة حولنا .. ونحن أيضا نهرم مثلكم ونموت .. ولكن كما
أخبرتك أعمارنا طويلة جدا بالنسبة إليكم فالقرن كما أخبرتك عندكم يعادل نحو
مرور عشر سنوات فقط من أعمارنا .. والتناسل عندنا قليل فكل زوجين من عندنا
لا يولد لهما سوى طفلا واحد فقط لذا فأعدادنا مقارنتا بكم اقل بكثير , لا
أريد أن أشغلك بأكثر من هذه التفاصيل فلو تحدثت لك على كل التفاصيل فسوف
تحتاج إلى عام كامل لتعرف المزيد من التفاصيل عنا ..

كنت استمع إليه بكل أحاسيسي وتمنيت لو أبقى عاما بطوله لاستماع إلى هذا
الحديث والتفاصيل .. رغم إنني بدأت اشك بأنني أعيش الحقيقة ولم اصدق نفسي
بأنه فعلا ما يجري أمامي وما اسمعه هي حقيقة وليس حلم وأخذت دون أن أثير
انتباه جاري اقرص أي مكان في جسمي تقع عليها أصابعي لأتأكد من أني أعيش
الحقيقة بكل وضوح كما أني بدأت اشك أما أنني قد جننت أو إنني أمام شخص
مجنون ..؟! ولكن حينما كنت انظر إلى بريق عينيه الغامضتين .. كانت كل
الشكوك تنهار أمام الواقع الحقيقي .. فبادرت على الفور قائلا : حسنا يا
صديقي وبعد أن نجوت ماذا حصل لك بعد ذلك وأين ذهبت .. ؟! وكيف عشت وتأقلمت
؟! وماذا كان شعور الناس في ذلك الحادث حينها ..؟!

استرسل في الحديث قائلا : أن المنطقة التي شملها التدمير كانت تبلغ منطقة
واسعة جدا، فبعد هبوطي قررت أن أسير نحو النهر الذي لمحته من بعيد حينما
كنت اهبط بمظلتي فسرت نحو النهر مسافة طويلة لأتخلص من الدخان الكثيف حولي
وكانت بدلتي تحتوي على نسبة من الهواء محفوظة فيها لحالات الطوارئ ..
وعندما وصلت قريبا من النهر .. نزعت بدلتي وقررت التخلص منها فحفرت حفرة
ودفنتها فيها ..

أما بالنسبة لما حصل بعد ذلك على كوكبكم فإن بعد المنطقة التي وقعت فيها
الحادث والانفجار وكذلك صعوبة وسائط النقل في تلك الأيام جعل من المستحيل
التحقيق في الأسباب التي أدت إلى الحادث والانفجار وكما أخبرتك فقد وقعت
المنطقة في حينها تحت وطأة إعصار هوائي هائل دمر الأشجار ووصلت آثارها على
بعد عدة أميال من مسرح الحادث وسادة موجة رعب المنطقة بكاملها واستمرت
نتائج الانفجار عدة أيام وحصل كسوف للشمس عدة بلدان .. وبقي الناس والعلماء
في حيرة من أمرهم بشأن ذلك الحادث لعدة سنين واكتشفوا العلماء حينها وعلى
مدار سنين طويلة عدة احتمالات .. كما وقد أرسلوا عدة بعثات علمية إلى مسرح
الحادث على مر السنين , إلا أن جميع مساعيهم قد فشلت في معرفة حقيقة الحادث
, ورغم أن احد العلماء قد شك في الحادث وصرح أن حصول هذه الكارثة هي
نتيجة سقوط جرم فضائي ضخم على كوكب الأرض في سيبيريا لكنهم شكوا في هذا
التصريح لعدم وجود حفرة في الأرض تدل على المكان الذي سقط فيه ذلك الجسم ..
فقد كانت مركبتنا بجميع محتواها مصنوعة من مادة إذا احترقت تتلاشى بعد مدة
دون أن تترك لها اثر .

وكان لدى بعض العلماء رأي آخر وهو قد يكون نجما مذنب على أساس أن المذنب
الذي يدخل الأرض يمكن أن ينفصم تكامله لحظة احتكاكه بجو الأرض ولكن حتى تلك
النظرية فقدت خصائصها عندما حققوا من مسالة سقوط الأشجار في الغابة بشكل
وهو أن جذوع الأشجار التي دمرت نتيجة الانفجار قد انغرست في باطن الأرض
باتجاه يشير بعيدا عن المركز الذي وقعت فيه الحادث .. وانه لو كان تأثر
الأشجار بالحادث نتيجة دخول مذنب إلى جو الأرض لتبعثر سقوط الأشجار يمينا
ويسارا , ولما كان على وضعه الحالي الذي يشير إلى اتجاه معين واحد ..؟

وكانت هناك نظريات أخرى من بعض العلماء وهو إن غابات سيبريا خربت بكتلة مما
يسمى بالقوة المعادية للمادة من موقع بعيد في الفضاء ولكن هذه النظرية
أيضا لم تنال الموافقة عليها لأنهم لم يثبتوا إذا ما كانت القوة المعادية
للمادة توجد بكميات بارزة في أي مكان من الكون .

وبعد حادثة تفجير القنابل النووية عام 1945 فوق هيروشيما وناكازاكي بدا بعض
العلماء بالتفكير مرة أخرى بالحادث وقد صرحوا بان الحادث لابد أن يكون له
مصدرا نوويا .. ولكن استبعدوا هذا الاحتمال أيضا لان الطاقة النووية
المدمرة لم تكتشف أبداً في عام 1908 لذا استبعدوا هذه النظرية أيضا، وقرروا
أخيرا أن الحادث قد حصل على يد كائنات عاقلة من عالم آخر، حيث كانت هناك
أراء وتشابك في الأدلة حول الاتجاه الذي شوهدت فيه الكرة النارية من قبل
شهود عيان وهي تدخل جو الأرض .. حيث أكدوا بان الجسم الغريب عندما دخل جو
الأرض قد غير الاتجاه أي أن الجسم كانت تحت إدارة مسيطرة .

كنت استمع إلى جاري بآذان صاغية لهذا الحديث الشيق , وأنا في غاية
الاستغراب والذهول من هذه التفاصيل الدقيقة رغم إنني للأسف لم اعرف الشيء
الدقيق عن هذا الحدث سابقا إلا الشيء القليل جدا والعابر ضمن معلوماتي ولم
اعره انتباها أبدا لأنها حدثت منذ فترة طويلة ..

ثم بادرت بفضول قائلا : ولكن من أين لك كل هذه المعلومات الدقيقة ..؟!

فرد مبتسما قائلا : أليس قرنا كاملا أعيشه بينكم يكفي أن اعرف بعض التفاصيل عبر صحفكم عن حقيقة عشتها .. وأنا جزء منها ..!

خجلت من سؤالي السخيف ثم أجبت قائلا : هل تدري يا جاري كم أنا سعيد بمعرفتك
حتى إنني لم اصدق نفسي باني الآن أعيش الحقيقة ولكن اقسم لك إنني اصدق كل
كلمة قلتها ولا اشك في كلمة واحدة ولكن هل استطيع أن اعرف كيف تعلمت لغتنا
وكم عرفت من اللغات طوال هذه السنين ..!؟ وأين وكيف عشت كل هذه المدة ..؟!
وكيف وصلت إلى هنا ..؟! ولماذا لم تكشف كل هذا الوقت عن هويتك لكوكبنا ..؟!

ابتسم ورد قائلا : الوقت يأخذنا وبالتأكيد سوف يعودون اهلك بعد قليل ولذا
سوف أرد على كل أسئلتك باختصار .. بالنسبة للغة .. فان قرنا كاملا كفيلا
بان أتعلم كل لغاتكم أليس كذلك ..؟ ( ثم ابتسم مستمرا في حديثه ) حينما كنا
في مركبتنا وعبر أجهزتنا الحاسوبية .. التي كانت في هذا الوقت من تطوركم
التكنولوجي تفوقها تطورا حينها .. المهم استطعنا أن نعرف عدة معلومات عنكم
وعن كوكبكم وعن حياتكم وعندما نجوت وحدي من ضمن الطاقم بقيت فترة طويلة
أتنقل من مكان إلى آخر ما بين الماء واليابسة وبين القرى والمدن الصغيرة
لاستطلع أكثر على حياتكم فأخذت في البداية أترقب الناس عن بعد وخاصة في
الليل وساعدني ذلك هو استطاعتي الرؤية في الليل كما أخبرتك فتعلمت عدة
أشياء وفهمت بعض الكلمات من لغة هؤلاء الناس وبقيت هكذا لعام كامل , تعلمت
خلالها الكثير من الأشياء .

وهنا قاطعته قائلا : وكيف كنت تدبر نفسك من حيث المأكل والسكن والملابس ..؟

فرد قائلا : سؤال وجيه بصراحة نحن نختلف عنكم أيضا من حيث المأكل نعتمد على
السوائل فقط فالماء وبعض الحليب الذي كنت احصل عليه من خلال حيوانات أهل
القرى في البداية وخاصة في الليل , فكنت اضطر للدخول إلى حظائرهم ليلا
لأحلب لي بعض اللبن من حيواناتهم لأسد به رمقي .. أما الملابس ففي البداية
كان من المستحيل أن أبدو بملابسي التي كنت ارتديها أمام سكان الأرض .. لذلك
اضطررت أن اسرق بعض الملابس المنشورة على الحبال .. ورغم إنني اكره السرقة
ولكني كنت مضطرا حينها والملابس التي كنت ارتديها دفنتها أيضا لأتخلص منها
, أما السكن ففي البداية لم تكن لي أي سكن سوى أن أعيش هكذا في الطبيعة
ومما ساعدني على مقاومة طبيعة مناخكم هو أن درجات حرارة جسمنا تتكيف مع
درجة حرارة الجو .. ثم بدأت انتقل من مكان إلى آخر وأبقى هنا وهناك في
فترات متفاوتة حسب ظروفي من حيث الأمان .. وحينما كنت اشعر بالقلق اترك
المكان إلى آخر أكثر أمننا .. وكما تعرف لا استطيع أن أبقى مدة طويلة في أي
مكان لأنني لم أشيخ بالسرعة التي تشيخون به , فكما أخبرتك عشرة أعوام على
كوكبنا يعادل قرنا كاملا على كوكبكم من حيث العمر حسب تركيبة أجسامنا لذا
كنت اضطر على الانتقال المستمر وبهذا الانتقال تعلمت الكثير من بني البشر
على أرضكم وبدأت احتك بعالمكم واعمل في البداية بعض الأعمال البسيطة ,
بصراحة إنها قصة طويلة وإذا أخبرتك تفاصيل ذلك لاحتجت إلى عام آخر لتعرف كل
التفاصيل التي مررت بها .

وكيف كنت تثبت عن هويتك في كل هذه المناطق والبلدان ..؟

فرد وكأنه كان منتظرا مني هذه السؤال قائلا : في الخمسين السنة الأولى من
القرن الماضي كان من السهولة الانتقال بين مكان وآخر وبمجرد إثباتات بسيطة
وغير معقدة .. أما بعد هذه المدة بدا الأمر يصعب فاضطررت إلى الاعتماد على
التزوير لقاء بعض المال وهذا شائع ومتداول في كل مكان عندكم .

ثم سائلته قائلا : الم تفكر يوما أن تكشف عن هويتك الحقيقية ..؟

ساد صمت قصير كأنه كان يتأمل بعيدا ثم أردف قائلا : بالطبع لا .. لأنه لو
كان حصل ذلك فبالتأكيد سوف يضعوني تحت الاختبارات وسأكون سجينا في إحدى
المعتقلات للتجارب والاختبارات وأنا بصراحة أفضل الموت على ذلك .. وسوف
يستغلوني في أبحاثهم .. ولن يبقوا جزء من جسدي إذا لم يعرضوها لمئات
التجارب والاختبارات .. أليس كذلك بصراحة أنا لا أثق بكم بعد معرفتي بكم كل
هذه المدة ؟

فأجبته مدركا ومؤيدا لموقفه قائلا : من المؤكد سوف يحصل ذلك .. حسنا فعلت
فبالتأكيد لو كنت فعلت ذلك لكنت الآن ومنذ تواجدك أسيرا في إحدى مختبراتهم
وقد اجروا عليك آلاف التجارب وربما كانوا نهبوا منك أجزاء من جسمك أو حتى
سلبوا حياتك ..!

ثم أردفت قائلا :هل تؤمن بأنك سوف تكون قادرا على العودة إلى ديارك يوما ..؟!

فرد مبتسما قائلا : بالتأكيد ولكن ليس قبل قرن حسب تاريخكم أي ربما في عام 3008 على ابعد حد .. أتمنى أن يأتي ذلك اليوم قريبا .

فأجبت على الفور قائلا : أوه .. يا الهي .. انه بعيد جدا سوف لن أعيش إلى
ذلك الحين حتى لو أنجبت طفلا أيضا فلن يعيش إلى ذلك الحين ولكن ربما أحفادي
يكونوا متواجدين في ذلك التاريخ ارجوا ذلك ..

فابتسمت له ورد لي بالمثل ثم أكملت حديثي قائلا : لقد تشرفت بمعرفتك ..
وأتمنى أن نصبح أصدقاء .. حتى لو ابتعدنا عن بعضنا هل باستطاعتي مراسلتك
فقط لأطمئن عليك ..! ودون أن اقسم لك فلن اخبر احد بمعرفتي بك .. ولكن
سأدون هذه اللقاء العظيم في مذكراتي .. وربما اذكرها بعد عامين كما سمحت لي
.. وأنا على يقين بأنه ليس هناك من يصدق ذلك ؟!

فنظر إلي صديقي الغريب بنظرة شعرت من خلالها انه أيضا مرتاح وسعيد بصحبتي
ثم اخذ حقيبته الموضوعة على المنضدة واخرج منها سلسلة بحلقات اخرج حلقة
واحدة من تلك السلسلة ثم قدمها لي قائلا : هل ترى هذه الحلقة سوف أهديك
واحدة منها وإذا أردت أن تعرف عني شئ فما عليك سوى أن تلبسها في أصبعك
الخنصر أو تعلقها في سلسلة في رقبتك .. وإذا تعلمت وسيلة تبادل الخواطر ..
فسيكون ذلك وسيلة الاتصال بيننا .. ولكن سوف يأخذ ذلك منك وقتا طويلا ربما
سنين حتى تتعلم استعمالها في تبادل الخواطر أتمنى لك حظا موفقا ..

مددت يدي إلى الحلقة وأنا في غاية الانبهار والسعادة لامتلاك شيء من هذا
الكائن الغريب بالتأكيد إنها من مقتنياته الخاصة والشخصية .. مسكت الحلقة
ونظرت إليها كان لونها يبدو ما بين الذهب والفضة .. كانت مجرد حلقة لا يبدو
عليها أي شيء غريب سوى رمز لم افهمه ولكنني سألته متلهفا قائلا : هل هي
ذهب أم فضة وما هذا الرمز ؟!

فرد مبتسما قائلا : هي ليست ذهبا أو فضة هو معدن لا يوجد على كوكبكم يسمى
عندنا زيبا وهو معدن يمتلك بعض الذبذبات الطويلة باستطاعتك الاتصال بي
والتحدث من خلالها عندما تلبسها ولكن كما أخبرتك إذا تعلمت كيفية استخدامها
..؟ أما الرمز الذي عليه فهو اسمي حسب كتابة لغتنا .. والآن اشعر بعودة
عائلتك فعليك العودة وإلا فسوف يقلقون من غيابك .

فنهضت من مكاني رغم إنني تمنيت أن اسهر معه أكثر ولكني فعلا سمعت صوت والدي
يناديني أخذت كنزي تلك الحلقة العجيبة التي أهداني إياها صديقي الغريب
فوضعتها في خنصري ثم قال لي : لا تنسى منظارك ..

فابتسمت إليه وأخذت المنظار من على المنضدة وتوجهت نحو الباب للخروج بعد أن
ودعته وكأنني كنت واثقا من أنني سوف لن أراه ثانية وقبل أن افتح باب
الشرفة للخروج رجعت إليه قائلا : جاري الصديق لقد أهديتني هدية رائعة
تكريما لهذه الصداقة بيننا ولابد أن أرد لك بالمثل فأرجوك أن تقبل مني هذا
المنظار عربونا لصداقتنا ولكي تذكرك بي إن غبنا عن بعضنا وربما تساعدنا
أكثر لتبادل خواطرنا أو ربما تراني من خلالها.

فنظر إلي بنظرة رائعة من خلال بريق عينيه التي شاعت بوميض فضي فأدركت إن
طلبي قد أسعدته ثم رد مبتسما قائلا : ولكن هذا كثير بالنسبة لك بالإضافة
انه منظارك العزيز وأنت سعيد جدا بامتلاكه ..

امتلأت عيناي بالدموع وأجبته على الفور قائلا : صدقني سأكون اسعد لو قبلت هديتي كما انه بإمكاني أن اشتري غيره .

فنظر إلي بابتسامة رائعة قائلا : شكرا صديقي على هديتك .. من أجلك فقط سوف أخذها ..

وهنا ضاعت كل الكلمات من قاموس ذاكرتي فودعته وعدت إلى أدراجي ولم ترى عيني النوم طوال تلك الليلة .


وفي الصباح أحضرنا حقائبنا للعودة إلى ديارنا ولم أتشجع للذهاب إلى الحديقة
للاطمئنان على جاري وصديقي .. ولكن دخل والدي من الشرفة وهو يردد قائلا :
يبدو أن جارنا أيضا قد رحل ..

مر عامين على لقائي بجاري وصديقي الغريب .. وما زلت احمل حلقته في سلسلة حول رقبتي أو أضعه في خنصري محاولا الاتصال به .


بقلم:زوزان صالح اليوسفي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://molta9a-elahbab.yoo7.com
mànànôùchà
عضو فضي
عضو فضي
mànànôùchà


صديق من كوكب آخر  Untitl11
جنسي ✿ جنسي ✿ : انثى
نــقـــ ــاطـ ✿ نــقـــ ــاطـ ✿ : 13788
عـدد مساهـماتـيـ ✿ عـدد مساهـماتـيـ ✿ : 722
مــ ـيلادي ✿ مــ ـيلادي ✿ : 18/03/1994
 تـاريخـ التسـجيلـ ✿ تـاريخـ التسـجيلـ ✿ : 24/06/2012
عــ ــمريـ ✿ عــ ــمريـ ✿ : 30
 أحلى دولة أعيش فيها ✿ أحلى دولة أعيش فيها ✿ : صديق من كوكب آخر  Empty
صديق من كوكب آخر  Untitl12
حقوق المنتدى حقوق المنتدى : صديق من كوكب آخر  L_php110

صديق من كوكب آخر  Empty
مُساهمةموضوع: رد: صديق من كوكب آخر    صديق من كوكب آخر  I_icon_minitimeالأربعاء يونيو 27, 2012 7:51 pm

mér$îî bCp
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
صديق من كوكب آخر
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» ضحيت من اجل صديق او وجدت صديق يضحي من اجللك؟
» هل صديق الطفولة يجب أن يبقى دائما صديق ؟؟
» خيانة صديق
» ماذا لو تخلى عنك صديق؟؟؟
»  هل لديك صديق كهذا؟؟؟؟؟؟؟

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات ملتقى الأحباب | © :: المكتبه الادبية :: قصص وحكايات وروايات-
انتقل الى:  
معلومات عنك انت متسجل الدخول بأسم {زائر}. آخر زيارة لك . لديك1مشاركة.
معلومات عن المنتدى اسم المنتدى :منتديات ملتقى الأحباب | ©. عمر المنتدى بالأيام :5008 يوم. عدد المواضيع في المنتدى :11761 موضوع. عدد الأعضاء : 2087 عضو. آخر عضو متسجل : عمار فمرحباُ به.

IP